حصاد 2016 الجنيه يواجه مصيره بالتعويم.. ويحتل المرتبة الأولى في الخسارة
احتل
الجنيه فى تعاملاته أمام الدولار المرتبة الأولى فى الخسارة السنوية حيث واجه الجنيه
مصيره الحتمى بفعل ما آلت إليه الأوضاع الاقتصادية خلال العام، تلك الأوضاع التى تراكمت
منذ أعوام سابقة، إلى أن تم فك قيد الدولار ليكون سعره حرًا أمام الجنيه ويُحدّد وفقاً
للسوق.
تلك
هى آلية العرض والطلب التى أطاحت بقيمة العُملة المحلية وقامت بإزالة الستار عن الوضع
الاقتصادى المُتراجع منذ بداية العام وتحديدُا منذ عام 2011.
فمنذ
بداية 2016 جرى تداول الدولار فى السوق الرسمية عند حدود الـ 7 جنيهات وبحلول نهاية
العام أصبح سعر صرف الدولار ما يقارب الـ 20 جنيهاً بزيادة قوية فى قيمة الدولار بلغت
نحو 13 جنيهًا وبنسبة زيادة 185% مما يعكس تعرض الجنيه لأعلى نسبة خسارة على الإطلاق
فى تاريخ حركة التعاملات.
أما
عن مصادر العُملة الصعبة والتى لا تزال تعانى وفشلت محاولات إنعاشها وأبرزها السياحة
فلم يستطع قطاع السياحة العودة للحياة من جديد واستمر متأثرًا بحادث الطائرة الروسية
ليتراجع وتحل محله أسواق أخرى فى دول مجاورة نظرة للميزة التنافسية والعروض أيضًا.
والمصدر
الثانى تحويلات المصريين فى الخارج ذلك العنصر الذى سجّل نوعًا من التراخى أيضًا إذ
أوضحت بيانات رسمية تراجع إجمالى تحويلات المصريين العاملين بالخارج من نحو 19.2 مليار
دولار فى بداية العام 2013 وصولاً لـ 12.4 مليار دولار 2016 بنسبة تراجع تقدَّر بنحو
35.4% .
وكان
"المركزى" قبل نوفمبر يعتمد على عدة محاور لضبط سوق الصرف المصرية، سواء
من خلال العطاءات الدولارية الدورية الأسبوعية، أو من خلال تشديد الرقابة على السوق
السوداء التى كانت ولا تزال موجودة حاليًا ولكن على استحياء.
ليُسجّل
سعر صرف الدولار فى السوق السوداء فى أكتوبر الماضى نحو 18 جنيهًا مقابل نحو 8.88 جنيه
فى السوق الرسمية لكن فى بداية نوفمبر الماضى أعلن "المركزى" تحرير سوق الصرف
وتعويم الجنيه مقابل الدولار بداية من سعر استرشادى عند 13 جنيهًا للدولار فى زيادة
تقدَّر بأكثر من 46% مرة واحدة.
لتبدأ
البنوك الخاصة والعامة بتحديد سعر الدولار بشكل حر إلى أن قفزت الأسعار الرسمية لتصل
إلى مستوى 20 جنيهاً بنهاية 2016 بنسبة زيادة 53%
منذ بداية التعويم.
ومنذ
بداية 2016 كانت السوق السوداء أبرز الفاعلية فى سوق أسعار الصرف حيث استمرت فى المواجهة
مع المركزى ورغم تحرير العملة استمرت السوق الموازية لكنها لا تتدخل بشكل مباشر، خاصة
أن الدولار يتحرك بشكل يومى ويكاد يكون لحظيًا فى الأيام الأولى للتعويم مما تسبّب
فى هدوء بحركة التعاملات بالسوق الموازية بسبب حالة الترقب للأسعار الرسمية الجديدة.
وعن
آخر أرقام الاحتياطى النقد الأجنبى فى نوفمبر فقد بلغت 23 مليار دولار مقابل أرقام
ديسمبر 2015 عند 16.4 مليار دولار بارتفاع نسبته نحو 40% .
أما
على صعيد العام الجديد 2017 توقعت مؤسسة "فوكس إيكونوميكس" الإسبانية والمتخصصة
فى الأبحاث الاقتصادية، أن يتم تداول الدولار فى السوق المحلية بـ 17.97 جنيه إلا أن
السعر حاليًا تجاوز الرقم المتوقع وأشارت "الإيكونوميكس" إلى أن تحرير سعر
صرف الجنيه كان مفاجأة، رغم إعلان المركزى عن عدم تحريك قيمة الجنيه إلا عندما ترتفع
الاحتياطيات لتصل لـ 25 مليار دولار.
إلا
أن القرار له جانب سيئ على المدى القصير وإيجابى على المدى الطويل متمثلًا فى ارتفاع
التضخم وضعف القوى الشرائية للأفراد ودعم النمو والاقتصاد الكلى فى المستقبل، فى المقابل
جاءت التوقعات للنمو الاقتصادى فى السنة المالية الحالية بأن يسجل 3.5% أن يرتفع إلى
4% العام المالى المقبل.
وفى
اختصار سريع لأداء الدولار على مدار عام كامل بالسوق المصرية فقد سجّل فى بداية
2016 سعر بيع 7.7 جنيه ومن ثم قفز فى 14 مارس 2016 ليُسجّل 8.8 جنيه حتى وصل فى 2 نوفمبر
2016 إلى 8.7 جنيه، وبعد قرار البنك المركزى فى نوفمبر وصل الدولار إلى 14.6 جنيه ثم
بدأ رحلة بين الزيادة والنقصان، وخلال ديسمبر 2016 تراوح سعره بين 16.3 و18.1 جنيه.
أما
فى السوق الموازية بدأ الدولار عام 2016 بتسجيل 8.65 للشراء، و8.70 للبيع، وقفز الدولار
فى السوق السوداء فى مارس سجل 9.80 جنيه للبيع، وفى أبريل وصل إلى 10.20 جنيه ثم كسر
فى مايو حاجز الـ 11 جنيهاً ثم تخطى الـ12 جنيهًا فى يوليو، واستمر ارتفاع الدولار
حتى وصل إلى 13 جنيهًا فى أغسطس لنفس العام وزاد الارتفاع فى شهر أكتوبر حتى وصل إلى
18 جنيهًا قبل قرار البنك المركزى بتحرير سعر الصرف، لتختفى أسعار الدولار بالسوق السوداء
ولكنها تعمل حاليًا بمعدل أقل من السابق وعلى نطاق محدود.
أما
عن أسباب تزايد الطلب على العُملات الأجنبية وأبرزها الدولار فى العام الماضى 2016
وفقاً لتقرير مركز بحوث السوق التابع لشركة "فاروس" للأوراق المالية أبرزها
تراكم الطلب على الدولار منذ أزمة العملة الأجنبية فى منتصف 2016، احتفاظ "بعض"
المستثمرين الأجانب بالأرباح بالعملة الأجنبية، فضلاً عن زيادة الطلب من جانب المستوردين
فى محاولة لبناء مخزون من المواد الخام لتقليل التكاليف فى ظل غالبية المنتجين الصناعيين
فى مصر يستوردون 70- 90% من المواد الخام ما يمثل نسبة 60 - 70% من إجمالى التكلفة.
ولخَّصت "فاروس" أسباب تراجع المعروض فى
نقطتين الأولى ضعف المصادر الدائمة للعُملة الأجنبية فى مصر، تحديدًا الاستثمارات الأجنبية
المباشرة، الاستثمارات فى المحافظ المالية، والسياحة، والصادرات، والتحويلات النقدية،
وثانيًا استمرار موجة الاحتفاظ بالدولارات بسبب القلق الشديد، كما أن معدلات الفائدة
المُرتفعة على شهادات الإيداع بالجنيه لم تكن أداة فعَّالة لتبادل الدولار بالجنيه.
أما عن الرؤية المستقبلية فإنه فى حال أن تشير التوقعات
إلى أن يستمر الوضع بالنسبة للجنيه على ما هو عليه حتى منتصف 2017 ومن ثم حالة من الهدوء
مع تحسّن الأوضاع بالنسبة لمصادر الدخل بالعُملة الأجنبية وتغطية كافة الطلبات على
العُملة ومن ثم تتوازن السوق على أن يستقر السعر عند 14 جنيهًا فى حال التوازن وبحلول
النصف الثانى من 2017.
كتبت/ حنان جمال
العدد (67)
