برغم آفاق مُبادرة «المركزي» الرحبة «التعويم» يُهدّد تنافسية تمويل «الصغيرة والمتوسطة» في 2017


فى الوقت الذى بدأ فيه عام 2016 بمنح قطاع المشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر والمتوسطة دفعة قوية أثّرت إيجابًا على هيكله التنظيمى والتمويلى والتى تمثلت فى إطلاق البنك المركزى المصرى مُبادرته فى يناير لتنشيط التمويل المصرفى الموّجه له، إلا أن العام الماضى أسدل ستاره بقرار مثّل صدمة لطموحات القطاع تمثّلت فى القرار التاريخى لـ"المركزى" بتحرير أسعار الصرف فى نوفمبر، هذا القرار بالرغم من جدواه للاقتصاد الكلى أصاب كلاً من الصندوق الاجتماعى للتنمية وبعض البنوك العامة المُستقطبة لخطوط الائتمان الدولية فى مقتل من حيث تسعير التمويل بشكل بات يُهدّد تنافسية أسعار القروض وقدرة المشروعات على النمو والاستمرارية.

ورصدت "المصرفى" على مدار العام المنصرم وجود توجّه عام داخل الدولة لترسيخ قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة وجعله أحد مراكز الثقل بالاقتصاد المصرى، فشهد مطلع العام إطلاق المبادرة التى أطلقها الرئيس عبد الفتاح السيسى بضخ 200 مليار جنيه فى صورة قروض ميسرة لدعم القطاع، لتعزيز النمو وخلق فرص عمل جديدة، بما يسهم فى خفض نسبة البطالة المرتفعة والتى دارت حينها حول 12.8% وتنفيذًا لمبادرة الرئيس، أطلق البنك المركزى المصرى فى العاشر من يناير الماضى برنامجًا شاملاً للتطبيق داخل البنوك المحلية، تضمن رفع حجم الإقراض للشركات الصغيرة والمتوسطة إلى 20% من محافظ القروض خلال الأربع سنوات المقبلة، مقابل 10.5%، على أن لا يتجاوز سعر الفائدة 5% سنويًا، فيما يسمح للبنوك بخصم قيمة هذه التمويلات من قيمة الاحتياطى الإلزامى الذى تودعه لدى البنك المركزى.

وتواتر المردود الإيجابى لهذه المبادرة بشكل سريع فأعلنت البنوك العامة الكبرى "الأهلى" و"مصر" و"القاهرة" استجابتها للمُبادرة، فبحث بنك مصر تقديم منتجات تمويلية تتوافق مع احتياجات المشروعات التى يتراوح حجم إيراداتها السنوية من مليون جنيه وحتى 20 مليون جنيه، بعائد 5% بسيط متناقص، واتجه بنك القاهرة إلى توفيق أوضاعه للتماشى مع المتطلبات الجديدة للإقراض، خاصة أنه استهدف ضخ تمويلات فى مجال المشروعات الصغيرة والمتوسطة تصل إلى 2 مليار جنيه خلال نفس العام وهو الرقم الذى استهدفه أيًض وقتها البنك الأهلى المصرى ولكن خلال الأشهر الخمسة التى تبقت من العام المالى 2015-2016، وأعلن "الأهلى" احتياجه إلى اتخاذ بعض الإجراءات حيث بلغ حجم محفظة المشروعات المتناهية والصغيرة والمتوسطة نحو 8.5% فقط من إجمالى قروض البنك.

وشهد الربع الأول من العام إصدار العديد من وكالات التصنيف الائتمانى تقارير تشيد بقرارات البنك المركزى لتعزيز عمليات الإقراض للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، وأشارت إلى أن هذه القرارات ستدعم الاقتصاد بالتوازى مع الخطوات الإصلاحية.. إلا أنها اتفقت على ضعف جودة الأصول وأن نوعية القروض التى تقدمها البنوك المصرية قد تصاب بالضعف فى الأمد المتوسط.. ورأى الخبراء المصرفيون أن المصارف المحلية قد تضطر لتحمل بعض التكاليف الإضافية خلال تلك الفترة فى سبيل امتلاك بنية تحتية قوية تسمح لها بالتوسع فى إقراض المشروعات الصغيرة والمتوسطة لكن العائد أفضل بلا شك فى المستقبل.

ولم يكن الصندوق الاجتماعى ليقف ساكنا باعتباره المظلة الرئيسية للقطاع، فتماشيًا مع توجهات الدولة و"المركزى" اعلن أنه تم تبنى استراتيجية لعام 2016 تتماشى مع إستراتيجية الدولة من خلال عدة محاور منها المساهمة فى تطوير البيئة التشريعية للمشروعات الصغيرة والمتوسطة وما تتضمنها من تعديل تشريعات وقوانين ووضع استراتيجيات تساهم فى زيادة أعداد وتنافسية المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وتفعيل دورها فى التنمية الاقتصادية بمحاورها المختلفة.

وظلت تبعات مُبادرة البنك المركزى تفرض نفسها على سوق تمويل القطاع الصغير والمتوسط فقام عدد كبير من البنوك العاملة فى السوق المحلية بتقديم استراتيجيتها الخاصة بالوصول إلى 20% من محافظ الائتمان الكلية لديها لتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة تدريجيًا على مدار الـ4 سنوات القادمة للبنك المركزى.. ورجحت كافة مؤشرات التمويل قدرة البنوك على الوصول إلى هذا الهدف بإجمالى 200 مليار جنيه خلال السنوات الأربع القادمة، خاصة أن معظم المؤسسات المصرفية العاملة فى مصر لديها إدارات متخصصة تخدم هذا القطاع منذ سنوات.

وأشارت التوقعات خلال الأشهر الأولى من إطلاق مبادرة "المركزى" إلى أنها ستلعب خلال النصف الثانى من العام الحالى دورًا حيويًا فى دفع عجلة الإنتاج من خلال ضخ تمويلات جديدة فى شرايين الاقتصاد بشكل غير مسبوق مما يسهم فى زيادة الناتج القومى وخلق مزيد من فرص العمل للشباب خاصة أن تكلفة خلق فرصة العمل فى المشروعات الصغيرة تصل إلى 25 ألف جنيه مقابل 150 ألف جنيه للمشروعات الكبيرة، كما أن فترة خلق فرصة العمل فى المشروعات الصغيرة أسرع من توليد فرصة العمل بالمشروعات الكبيرة.

كما برز مؤشر إيجابى آخر تمثل فى ارتفاع حجم قروض المشروعات التى وافق عليها المشروع القومى للتنمية المجتمعية والبشرية والمحلية "مشروعك"، ليبلغ نحو مليار و61 مليون جنيه لتنفيذ نحو 24 ألف مشروع صغير ومتناهى الصغر ومتوسط فى جميع المحافظات خلال العام.

وتسارعت وتيرة التمويل الصغير خلال الربع الثانى من عام الرصد بشكل ملحوظ مدفوعة بمحاولات البنوك للتوافق والالتزام بمبادرة البنك المركزى واستأثر البنك الأهلى المصرى بالحصة الأكبر من هذا التمويل.. كما أجرى الصندوق الاجتماعى للتنمية، عملية إعادة تسعير واسعة لجميع منتجاته التمويلية، لكى يتوافق مع متطلبات السوق بهدف تحسين تنافسية قروضه بضفته المظلة الراعية للقطاع والأقدر على توفير السيولة سواء من خلال الإقراض المباشر أو من خلال العقود التمويلية الثنائية مع البنوك، كما قاد الصندوق مفاوضات مكثفة مع جهات دولية متخصصة فى تقديم الاستشارات المالية حيث اعتزم حينها التوسع فى تقديم الاستشارات المالية والتدريب للعاملين فى المشروعات الصغيرة والمتوسطة بالبنوك.

وبنهاية أبريل 2016 بدأت بعض البنوك فى إعلان نتائج أولية أبرزهم البنك الأهلى فبلغ حجم محفظة المشروعات الصغيرة والمتوسطة نحو 22 مليار جنيه، كما تجاوزت قروض البنك للمشروعات الصغيرة والصغيرة جدًا وفقًا لمبادرة البنك المركزى المليار جنيه لنحو 1734 مشروعًا خلال شهرى فبراير ومارس 2016.. وأشار حينها محمود منتصر، نائب رئيس البنك، فى تصريحات صحفية، إلى أن 75% من العُملاء حصلوا على القروض بغرض التوسع فى مشروعات قائمة، وأن 25 % من المشروعات المُمولة حديثة التأسيس، وأن البنك تمكن من جذب معاملات عدد 1251عميلاً جديدًا بما يمثل 72 % من إجمالى المشروعات المستفيدة من المُبادرة خلال هذين الشهرين، الأمر الذى يعنى ضم شرائح جديدة لم تكن تتعامل مع البنوك من قبل بما يُحقق مبدأ الشمول المالى.

 وأوضح أن إجمالى التمويلات التى استفاد منها العُملاء الجُدد الذين تم جذب مُعاملاتهم فى نطاق شريحتى المشروعات الصغيرة والصغيرة جدًا بلغت 680 مليون جنيه بما يمثل 64 % من إجمالى التمويلات الممنوحة فى إطار المبادرة، وأن التمويلات التى تم منحها فى نطاق الشريحتين بغرض توسعة مشروعات قائمة بلغت 888 مليون جنيه فى حين بلغت 173 مليون جنيه لتمويل مشروعات حديثة التأسيس.. ونوه بأن محافظات الوجه القبلى كان لها النصيب الأكبر فى عدد العملاء المستفيدين وفى قيم التمويلات الممنوحة فى شريحة المشروعات الصغيرة جدًا حيث استأثرت وحدها بنسبة 39% من عدد العملاء و27% من قيمة التمويلات تلتها محافظات الوجه البحرى بنسبة 24% فى العدد و22% فى القيمة ثم محافظات القناة بنسبة 13% فى العدد 9% فى القيمة.

وسبق أن أسس "الأهلى" لهذا الغرض قطاعًا متخصصًا وأمده بعمالة محترفة ومدربة، كما وفر فرقاً تسويقية مؤهلة تضم ألف مُسوّق وجار زيادة عددهم ليصبح 1500 مسوق، كل هذا أهلّ البنك لصدارة السوق المصرفية من خلال تقديمه تمويلات لما يقترب من 48 ألف مشروع بإجمالى تمويلات مباشرة وغير مباشرة تصل إلى 23.4 مليار جنيه فى نهاية مارس 2016.

ومول البنك الأهلى مشروعات صغيرة ومتوسطة بإجمالى 2.7 مليار جنيه خلال الـ 4 أشهر الأولى من إطلاق مبادرة البنك المركزى وبلغت نسبة التعثر فى المشروعات الصغيرة والمتوسطة داخل البنك أقل من 3%، وهناك ما يزيد على 3 مليارات من إجمالى المحفظة تم تخصيصها لضمان المخاطر، وزاد إجمالى محفظة الائتمان لدى البنك الأهلى إلى 195 مليارًا عقب المبادرة، مقابل 165 مليارًا قبل يناير الماضى. وزود البنك الأهلى عدد العملاء إلى 2700 عميل بقيمة 2.7 مليار جنيه خلال 4 أشهر من إطلاق المبادرة لتعزيز تلك المشروعات، مقابل 1000 عميل .

كما قدم البنك الأهلى، استراتيجيته الخاصة بالتوسع فى تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة إلى البنك المركزى، والتى تستهدف زيادة محفظة تمويل تلك المشروعات إلى 65 مليار جنيه خلال 4 سنوات.

وواجهت "المُبادرة" فى الربع الثانى من العام محاولات عديدة للنيل من أهدافها من خلال نشر الأخبار الكاذبة بالصحف وهو ما دفع البنك المركزى إلى تكذيب الأمر من خلال بيان اكد فيه أن ما تداولته بعض الصحف من أخبار ليس لها أساس من الصحة وأن ما أشير إليه بحصول بعض رجال الأعمال على الأموال المخصصة لدعم المبادرة دون وجه حق، يؤدى إلى بلبلة الرأى العام دون دلائل فعلية على وقوعها.

واجتمع نائب محافظ البنك المركزى بلجنة المشروعات الصغيرة والمتوسطة بمجلس النواب، وأكد أن البنوك ملتزمة بتنفيذ تعليمات "المركزى" الصادرة فى ذات السياق، والتى تؤكد على منح التمويل المدعم لمستحقيه من المشروعات التى تنطبق عليها المعايير الصادرة بالمبادرة ووفقًا للتعريف الصادر فى ديسمبر 2015، حيث تم توجيه البنوك نحو الالتزام الكامل بالتأكد من أن التسهيلات الائتمانية الممنوحة للشركات والمنشآت الصغيرة والمتوسطة تستخدم فى الأغراض والمجالات المحددة فى الموافقة الائتمانية، وذلك من خلال ضرورة تضمين عقد التمويل الموقع مع العميل ما يفيد تعهده باستخدام التمويل فى الغرض الممنوح من أجله، وعدم استخدام هذه الشركات ما تم منحه لها من تسهيلات ائتمانية فى ربط ودائع، بالإضافة إلى ضرورة أن تحدد السياسة الائتمانية للبنوك أسلوب المتابعة المستمرة لغرض استخدام ما يتم سحبه من التسهيل.

وقام البنك المركزى إثر هذا الأمر بتشديد الرقابة والإشراف على البنوك، بحيث تم التحقق من تطبيقها بالشكل السليم وتوقيع العقوبات على البنوك المخالفة، ذلك بالإضافة إلى تحميل العميل الفرق بين سعر الإقراض المميز الذى حصل عليه وبين أسعار العائد السارية لدى البنك فى تاريخ المنح، حال اكتشاف أى مخالفة الأمر وهو الأمر الذى لم يحدث ولم يتم الإعلان عنه خلال عام الرصد.

وبمنتصف عام 2016 تفاقمت المشكلة التى واجهها الصندوق الاجتماعى للتنمية بسبب الارتفاع غير المسبوق فى سعر صرف الدولار مقابل الجنيه حيث تحمل الصندوق فروق العملة منذ تحويل القرض للعُملة المحلية وعند السداد اضطر الصندوق إلى شراء العملة الأجنبية مرة أخرى من البنك المركزى بفارق السعر الجديد وهو ما أدى إلى ارتفاع تكلفة أموال الصندوق وحاول الصندوق وقتها التوصل إلى اتفاق مع محافظ البنك المركزى للتغلب على أزمة فروق العملة إلا أن مطلع نوفمبر حمل له المفاجأة بتحرير سعر الصرف.

ووفر شركاء مصر فى التنمية حينها تمويلاً للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، بقيمة 876 مليون دولار، وسعت وزارة التعاون الدولى إلى استقطاب المزيد من خطوط الائتمان الدولية فحصلت على 50 مليون دولار منحة من الصندوق السعودى للتنمية ووقعت بنهاية يونيو 2016 اتفاقية منحة بقيمة 10 ملايين دولار كندى، مقدمة من هيئة التعاون الكندية لدعم وتنمية مهارات الشباب والمشروعات الصغيرة والمتوسطة.

وبتوجيه رئاسى مباشر صدر بنهاية يوليو شدد على ضرورة مواصلة الجهود الهادفة إلى تنشيط القطاع لأهمية دوره فى دفع عجلة الاقتصاد الوطنى، وتحقيق عملية التنمية الشاملة، لما يتيحه من انتشارٍ أفقي، فضلاً عن توفير فرص العمل للشباب.. فسعت وزارة التعاون الدولى لتوفير غطاء ائتمانى لقطاع المشروعات الصغيرة بشتى السبل وذلك فى الوقت الذى استكمل الصندوق الاجتماعى للتنمية مفاوضاته مع البنك المركزى لوضع آلية تضمن عدم التعرض لمخاطر سعر الصرف عند رد قروض المؤسسات التمويلية الدولية حيث إن تذبذب سعر العملة أدى إلى تكبد الصندوق خسائر أثناء عملية سداد تلك القروض.

وشهد الصعيد المنظم للقطاع الإعلان عن 3 مشروعات لقوانين من شأنها تحسين البيئة التشريعية للقطاع حيث نجحت وزارة الاستثمار وقتها فى الحصول على موافقة مجلس الوزراء على قانون شركات الشخص الواحد تمهيدًا لعرضه على البرلمان، كما أعدت وزارة المالية مشروع قانون خاصا بالمحاسبة الضريبية للمشروعات الصغيرة وأخيرًا أعدّ البرلمان مشروع قانون موحدًا للمشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر يتضمن مراحل تأسيس وإنشاء المشروعات ونظام المحاسبة الضريبية، بالإضافة إلى خطوات التصفية.

وبانقضاء العام المالى 2015-2016 أعلن البنك الأهلى فى يوليو، أنه تمكن من ضخ تمويلات جديدة لقطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة بمبلغ 12.3 مليار جنيه لنحو 18 ألف مشروع، وبمعدل نمو يبلغ 71% فى قيمة التسهيلات الممنوحة و32% فى عدد المشروعات الممولة بالمقارنة بمثيلتها المحققة خلال العام المالى السابق، ليصل بذلك إجمالى محفظة التمويلات المباشرة وغير المباشرة فى نهاية يونيو 2016 إلى ما يقرب من 28 مليار جنيه تم منحها لعدد 47 ألف مشروع، وذلك بعد استبعاد عدد وقيم التمويلات الممنوحة للمشروعات التى تمت تنميتها إلى مستوى الشركات الكبرى.

ولعب "الأهلى" دورًا بارزًا فى "مُبادرة المركزى" لدعم المشروعات الصغيرة والصغيرة جدًا، حيث حقق طفرات قوية فى عدد المشروعات التى تم تمويلها فى إطارها وفى قيم التسهيلات الممنوحة، فقام البنك خلال شهر يونيو 2016 بتقديم تمويلات بمبلغ 950 مليون جنيه لعدد 1100 مشروع وبمعدل نمو يبلغ 30% فى عدد المشروعات الممولة و40% فى قيمة التسهيلات الممنوحة بالمقارنة بمثيلتها فى نهاية شهر مايو 2016، ليصل بذلك إجمالى عدد المشروعات التى تم تمويلها خلال الشهور الخمسة التى مرت منذ إطلاق المبادرة 4700 مشروع 89% منها لشريحة المشروعات صغيرة جدا، وليصل إجمالى التسهيلات الممنوحة خلال تلك الفترة 3.3 مليار جنيه تتضمن 66% تسهيلات لهذه الشريحة.

وفى سبتمبر قام البنك المركزى بطلب تعديل قانون البنوك لعام 2003 لضم شركة ضمان مخاطر الائتمان تحت إشرافه بما يسمح له بتقديم دعم مالى لها مستقبلاً وكان القانون لا يسمح لـ "المركزى" بتقديم الدعم المالى اللازم لزيادة القاعدة الرأسمالية للشركة، الأمر الذى دفع "المركزى" لطلب إجراء تعديل على القانون الحالى للإشراف على الشركة وزيادة رأسمالها نظرا لأهمية دورها خلال الفترة المقبلة فى ضمان المشروعات الصغيرة والمتوسطة المرتفعة المخاطر بما يسمح بتوسع البنوك فى منح تمويلات بصورة أكبر وبتكلفة أقل.

وفى الربع الأخير أصبح لدى القطاع مؤشرات لتقييم المبادرة حيث نجحت البنوك العامة الـثلاثة "الأهلى" و"مصر" و"القاهرة"، فى ضخ ما يقرب من 6 مليارات جنيه لقطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة، فكشفت نتائج أعمال البنك الأهلى المصرى، انه نجح خلال الشهور الأربعة الأولى من العام المالى الحالى 2016 /2017 من تحقيق طفرة فى مجال إقراض المشروعات الصغيرة والمتوسطة حيث نجح خلال تلك الفترة فى ضخ تمويلات جديدة بمبلغ 2.7 مليار جنيه بمعدل زيادة يبلغ 30% عن مثيلتها خلال الفترة المقابلة من العام السابق، حيث استفاد من تلك التمويلات ما يزيد على 6 آلاف مشروع وبمتوسط شهرى يصل إلى 1500 عميل وبما يعادل 33% من إجمالى عدد المشروعات التى تم تمويلها خلال العام المالى الماضى.

وبلغ إجمالى محفظة القروض الصغيرة والمتوسطة فى 31 /10 /2016 إلى ما يزيد على 27 مليار جنيه تم منحها لعدد 51 ألف مشروع، مقارنة بـمبلغ 6 و18 مليار جنيه فى يونيو2011، ويونيو 2015 على التوالى.. كما زادت حصة القطاع الصناعى من التمويلات لتصل فى نهاية شهر أكتوبر إلى 19% من إجمالى المحفظة بعد أن كانت 15%.
وعن دور البنك فى مبادرة البنك المركزى المصرى لدعم المشروعات الصغيرة والصغيرة جدًا التى يتم منحها لآجال سداد تمتد إلى 7 سنوات مع إمكانية زيادتها إلى 10 سنوات للأنشطة الصناعية وبسعر عائد 5% متناقص، استمر" الأهلى" فى التوسع فى عدد المشروعات التى يتم تمويلها فى إطار المبادرة وفى قيم التسهيلات الممنوحة ليصل إجمالى عدد المشروعات التى تم تمويلها منذ إطلاق المبادرة 7 آلاف مشروع بمتوسط 780 عميلاً شهريًا، ولتصل التسهيلات الممنوحة خلال تلك الفترة إلى 5.2 مليار جنيه بمتوسط شهرى يقترب من 600 مليون جنيه على مدى الشهور التسعة التى مرت منذ إطلاق المبادرة.

وحصلت 77% من عدد المشروعات المستفيدة من المبادرة منذ إطلاقها على القروض بغرض التوسع فى أنشطتها القائمة وبما يمثل 85% من إجمالى القروض الممنوحة، وأن 23 % من المشروعات الممولة حديثة التأسيس، وبلغت حصة النشاط الصناعى والزراعى والخدمى 28% من عدد العملاء المستفيدين من المبادرة وبلغت حصة تلك الأنشطة من قيمة التمويلات 41%، وتمكن البنك من جذب معاملات عدد كبير من العملاء الجدد الأمر الذى يعنى نجاح البنك فى تحقيق مبدأ الشمول المالى وجذب معاملات شرائح جديدة لم تكن تتعامل من قبل مع البنوك.

أما بنك مصر فقد بلغ حجم القروض الممنوحة للمنشآت متناهية الصغر 3.8 مليار جنيه لعدد 419 ألف عميل، كما بلغ حجم محفظة المشروعات الصغيرة والمتوسطة قيمة 1.5 مليار جنيه لعدد 1403 عملاء، ويصل عدد العملاء الحاليين إلى 51.800 عميل بحجم تمويل 2.3 مليار جنيه، وذلك من خلال فروع البنك المنتشرة بجميع المحافظات وذلك لمختلف المجالات الصناعية والزراعية والخدمية.

واستهدف بنك مصر ضخ 25 مليار جنيه لقطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة خلال 4 سنوات، تبدأ من السنة المالية الحالية 2016 - 2017، وتستمر خلال 3 سنوات مالية مقبلة، ويعد بنك مصر ثانى أكبر البنوك المصرية الذى يقدم منتجات تمويلية تتوافق مع احتياجات المشروعات الصغيرة التى يتراوح حجم إيراداتها السنوية من مليون جنيه حتى 20 مليون جنيه وذلك بعائد 5% بسيط متناقص.

ووفقًا لنتائجه وقتئذ فى مجال تمويل المشروعات بمختلف أحجامها المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة قام بنك مصر بمنح عدد 30400 قرض فى إطار تلك المُبادرة بقيمة بلغت 983 مليون جنيه خلال عام ونصف انتهى فى تاريخه.. واشتمل التمويل على مبادرة المشروع القومى للتنمية المجتمعية والبشرية والمحلية "مشروعك"، والذى يهدف إلى تحقيق التنمية المجتمعية فى جميع المحافظات والمراكز والقرى والنجوع من خلال توفير الفرص التنموية فى هذه الأماكن بهدف خلق فرص العمل ومحاربة البطالة.

وقام بنك مصر بتقديم مجموعة من المنتجات الائتمانية المُصممة خصيصاً لتلبية احتياجات المشروعات الصغيرة والمتوسطة مثل تمويل الآلات والمعدات للمصانع وتمويل الأجهزة والمعدات الطبية للمستشفيات والعيادات الطبية وتمويل وسائل النقل الخاصة بالنشاط وتمويل المدارس والجامعات وكذلك تمويل رأس المال العامل.. كما وقع البنك عددًا من المُبادرات والبروتوكولات، التى تهدف إلى التوسع فى تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة، حيث قام بتمويل إنشاء مدينة دمياط للأثاث - كأكبر منطقة صناعية متخصصة فى صناعة الأثاث والصناعات المكملة فى الشرق الأوسط – وتم توقيع بروتوكول تعاون مع شركة مدينة دمياط للأثاث لتمويل شراء الورش الصغيرة والمتوسطة، وتمويل الآلات والمعدات وكافة مستلزمات الإنتاج.

وتم توقيع بروتوكول تعاون مع جمعية المشروعات الصغيرة والمتوسطة بهدف مساندة المشروعات الصغيرة والمتوسطة وتوفير التمويل المطلوب لتلك المشروعات.. وجارٍ توقيع بروتوكولات تعاون مع جهات حكومية متعددة لتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة بالتجمعات الصناعية الجارى إنشاؤها .

أما بنك القاهرة فقد بلغ حجم محفظتى "القروض الصغيرة والمتوسطة" و"القروض متناهية الصغر" نحو 2.6 مليار جنيه بنهاية أكتوبر 2016، حيث ارتفع منذ البدء فى تطبيق مبادرة البنك المركزى لمساندة تلك القطاعات رصيد المحفظة للمنتجات القائمة لنحو 15% شهريًا، وتوقع البنك أن يشهد رصيد المحفظة ارتفاعًا يقدر بحوالى 22% بنهاية العام.

وتتضح مظاهر قوة بنك "القاهرة" فى مجال الإقراض متناهى الصغر من خلال حصوله على حصة سوقية تصل إلى أكثر من 50% بالنسبة للقطاع المصرفى، إلى جانب الوصول لنحو 22% من اجمالى سوق الإقراض الفردى ككل نجح خلالها البنك فى ضخ أكثر من مليون و500 ألف قرض لأصحاب المشروعات متناهية الصغر بقيمة إجمالية تقدر بحوالى 11 مليار جنيه حصلت خلالها المرأة المعيلة على أكثر من 30% من عدد القروض المصدرة بهدف زيادة دخل المرأة صاحبة المشروعات متناهية الصغر فى الأحياء والقرى الفقيرة بكافة محافظات الجمهورية وتحسين مستوى معيشتها.

كما نجح بنك القاهرة خلال عام 2016 فى توقيع عقدين لتمويل المشروعات متناهية الصغر بالتعاون مع الصندوق الاجتماعى للتنمية بقيمة 320 مليون جنيه، إلى جانب توقيع عقد اتفاق المشروع القومى للتنمية المجتمعية "مشروعك" بالتعاون مع وزارة التنمية المحلية.

كما حرص البنك على إضافة العديد من البرامج التمويلية المتنوعة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة التى تُلبى احتياجات عملاء النشاط عن طريق منح تلك التمويلات للمشروعات التى تنطبق عليها الشروط والقواعد التى حددتها المبادرة وفقا لحجم أعمالها ورؤوس أموالها الواردة بتعريف البنك المركزى المصرى.

كما شهد القطاع فى الربع الأخير من العام نقلة نوعية سواء على صعيد التشريعات المنظمة او على صعيد إتاحة خطوط التمويل بعد أن خرج المجلس الأعلى للاستثمار بمجموعة من القرارات، منها تخصيص الأراضى الصناعية المُرفقة فى الصعيد مجاناً، والإعفاء من الضريبة على الأرباح لمشروعات استصلاح الأراضى الزراعية، وإعفاء الاستثمار الزراعى والصناعى الجديد فى الصعيد من الضريبة على الأرباح لمدة خمس سنوات من تاريخ استلام الأرض.. واتخاذ كافة الإجراءات القانونية اللازمة للتصالح الضريبى بالنسبة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة التى ليس لها ملفات ضريبية.

وفى مطلع ديسمبر أعلنت وزارة الصناعة والتجارة، إن الصندوق الاجتماعى للتنمية ستؤول ولايته إليها، بدلا من مجلس الوزراء، وسيشهد إعادة هيكلة وتغيير لاستراتيجياته وخطط عمله، وقال المهندس طارق قابيل، وزير الصناعة والتجارة، فى تصريحات صحفية إن الحكومة وافقت على إنشاء جهاز المشروعات الصغيرة والمتوسطة، عبر إعادة هيكلة الصندوق الاجتماعى للتنمية، وتحويله لجهاز للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، وضم بعض أجهزة وزارة التجارة والصناعة لهذا الجهاز.

وأضاف أن مجالات عمل المجلس ستتضمن ريادة الأعمال والخدمات غير المالية، وسيكون رئيس مجلس إدارته وزير التجارة والصناعة، ويتكون مجلس الإدارة من المختصين، وسيكون له مجلس أمناء برئاسة رئيس الوزراء والوزراء المعنيين، مشدّدًا فى الوقت ذاته على أن إعادة الهيكلة لا تعنى تسريح العمالة بالصندوق.

كما شهد ديسمبر 2016 إعلان البنك الأوروبى لإعادة الإعمار والتنمية أنه يعتزم تقديم تمويل إضافى بقيمة 50 مليون دولار أمريكى لبنك الإسكندرية فى إطار "برنامج تسهيل التجارة" التابع له، والذى بموجبه يستفيد بنك الإسكندرية من التسهيلات التجارية وضمانات الإصدار لصالح النظراء الدوليين لتغطية مخاطر السداد، مضيفا أنه علاوة على ذلك، يوفر خط "برنامج تسهيل التجارة" التمويل المتعلق بالتجارة للشركات المحلية فى مراحل ما قبل تصدير السلع وما بعد الاستيراد.

وأضاف البنك الأوروبى أنه حرص على أن يعزز التمويل المقدم لدعم المشروعات الصغيرة فى مصر بحزمة تمويل أخرى موجهة للدعم الفنى تقدر بقيمة 550 ألف يورو والتى من المقرر أن يستخدمها بنك الإسكندرية لدعم مهارات وتنافسية المشروعات الصغيرة فى مصر من خلال توفير التدريب المتخصص والمشاركة فى ورش عمل ومنتديات، وأنه سيركز الدعم الفنى أيضًا على تحسين الإجراءات التشغيلية والمنتجات وتجربة العملاء والخبرة الفنية الحالية فى بنك الإسكندرية.

واستثمر البنك الأوروبى لإعادة الإعمار والتنمية أكثر من 2 مليار يورو من خلال 36 مشروعًا منذ بداية أنشطته فى مصر بنهاية عام 2012.. تشمل استثمارات البنك القطاع المالى، والصناعات الزراعية والتصنيع والخدمات، فضلاً عن مشاريع البنية التحتية مثل خدمات الكهرباء والمياه البلدية والصرف الصحي، والمساهمة فى رفع مستوى خدمات النقل.

وبلغ إجمالى التمويلات التى وفرتها وزارة التعاون الدولى فى ديسمبر الماضى للمشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر نحو 2.7 مليار دولار، كما وقعت الوزارة اتفاقية قرض بين الحكومة وصندوق الأوبك للتنمية الدولية "أوفيد" بشأن توفير تمويل بقيمة 40 مليون دولار لصالح الصندوق الاجتماعى للتنمية، وكان الاتفاق فى إطار حرص الوزارة على دعم مبادرة الرئيس عبد الفتاح السيسى، الخاصة بمشروعات الشباب، وللمساهمة فى تمويل خط ائتمان المشروعات الصغيرة ومتناهية فى المناطق الأكثر احتياجًا فى محافظات مصر، حيث تفاوضت الوزارة مع الصندوق على تمويل المرحلة الثانية من المشروع بعد نجاح المرحلة الأولى، وذلك لما له من عائد تنموى على فئات المجتمع ودوره فى تحقيق تنمية شاملة بالاقتصاد المصرى.

وتم توقيع عقد بين المؤسسة التمويل الدولية، والصندوق الاجتماعى للتنمية وشركة Flat 6 labs، لتأسيس شركة تعمل فى مجال تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة ورأس المال المخاطر.. وتقدم مؤسسة تمويلاً يصل إلى 2 مليون دولار إلى فلات 6 لابز، والتى ستستثمر فى حوالى 100 شركة مصرية ناشئة، وستسعى إلى دعم 300 من رائدى الأعمال خلال الأعوام الخمس المقبلة، كما يساهم الصندوق الاجتماعى للتنمية بمبلغ 7.5 مليون جنيه.

ويذكر أن مؤسسة التمويل الدولية منذ التعاون مع مصر فى عام 1979 وحتى الآن دعمت القطاع الخاص بنحو 2.8 مليار دولار، وبلغت خلال الفترة ما بين 2011 إلى 2016 نحو 1.5 مليار دولار.. وتلتزم مؤسسة التمويل الدولية بدعم القطاع الخاص المصرى بتمويل يبلغ 2 مليار دولار خلال الفترة من 2015 إلى 2019، من ضمن محفظة مصر فى البنك البالغ قيمتها 8 مليارات دولار خلال هذه الفترة، مما يساهم فى ارتفاع فرص الحصول على تمويل للشركات الصغيرة.


كما تم توقيع اتفاقية بين مؤسسة التمويل الدولية، وصندوق الجبرا فينتشرز، حيث ستساهم مؤسسة التمويل الدولية، بمبلغ 10 ملايين دولار فى فى أسهم الصندوق، ويأتى هذه فى إطار جهود المؤسسة الرامية لدعم القطاع الخاص وريادة الأعمال وتحفيز الابتكار وتوفير فرص العمل فى مصر، حيث من المنتظر أن هذا التمويل سيساعد فى دعم 25 شركة واعدة فى قطاع تكنولوجيا المعلومات فى مجالات مختلفة مثل التجارة الإلكترونية والخدمات المالية وخدمات الإنترنت، فضلاً عن توفير فرص عمل ثابتة.

كتبت/ مني كمال