بيزنس إنسايدر: مستقبل الصناعة المصرفية في قبضة "إنترنت الأشياء"





أصبحت الصيرفة أكثر مُلائمة وراحة فى الآونة الأخيرة بفضل الإنترنت، وستستمر هيمنة الشبكة العنكبوتية على الصناعة المصرفية فى المستقبل تزامنًا مع نمو تلك الصناعة رقميًا بشكل كبير يومًا بعد يوم.
وسواء كان الحديث عن مستقبل التجزئة المصرفية أو مستقبل الصيرفة عبر الأجهزة المحمولة، فلا يخلو الحديث من ذكر التكنولوجيا التى تلعب دورًا أكبر فى المُعاملات المصرفية اليومية.

وسلّط موقع "بيزنس إنسايدر" الأمريكى الضوء على مصطلح برز حديثًا، وهو "إنترنت الأشياء" أو "The Internet of Things (IoT)"، والذى يُقصد به الجيل الجديد من الإنترنت الذى يتيح التفاهم بين الأجهزة المترابطة مع بعضها، إذ يتخطى هذا التعريف المفهوم التقليدى وهو تواصل الأشخاص مع الحواسيب والهواتف الذكية عبر شبكة عالمية واحدة ومن خلال بروتوكول الإنترنت التقليدى المعروف، كما أن "إنترنت الأشياء" يميزه أنه يتيح للإنسان التحرّر من المكان، أى أن الشخص يستطيع التحكم فى الأدوات من دون الحاجة إلى التواجد فى مكان محدّد للتعامل مع جهاز معين.

 على هذا، يعتبر "إنترنت الأشياء" جزءًا من التطوّر السريع نحو صيرفة المستقبل، ولذا فإن كلًا من العملاء والمؤسسات المالية بحاجة للتكيف مع الجديد فى إتمام المُعاملات المصرفية عبر الأجهزة المحمولة.

ويعتبر الخبراء أن ماضى وحاضر ومستقبل الصناعة المصرفية مرتبط بـ "إنترنت الأشياء"، ويتوقعون أنها ستغيّر طريقة تنفيذ التعاملات فى عالم الصناعة المالية.

التجزئة المصرفية
فى وقت سابق، بالفعل استخدمت البنوك فى قطاع التجزئة المصرفية نموذجًا أوليًا من الأجهزة التى تعتمد على مفهوم "إنترنت الأشياء" لعقود، ألا وهو جهاز الصرّاف الآلى "ATM"، فمنذ اعتماد ماكينات السحب الآلي، وأصبحت فى صدارة أجهزة إنترنت الأشياء التى تستعين بها البنوك والتى أثبتت كفاءتها فى إفادة العملاء وتوفير الوقت والجهد، وجعلتهم فى غير حاجة للانتظار ساعات طويلة فى البنوك لمجرّد رؤية الصرّاف لإتمام معاملة مالية أو الاستفسار عن الرصيد.

وأفادت وحدة استخبارات بيزنس انسايدر للأبحاث "BI Intelligence" بأن عدد أجهزة الصرّاف الآلى حول العالم بلغ 2.7 مليون جهاز فى العام 2015، وهو ارتفاع كبير للغاية إذا ما قورن بعدد تلك الأجهزة فى عام 2010 حينما بلغت 2 مليون جهاز فقط، طبقًا لبيانات البنك الدولى "WB".

ومع هذا الارتفاع فى تبنى إنترنت الأشياء، تأتى العديد من المزايا الأمنية، ومن شأن أجهزة الصرّاف الآلى الذكية "smart ATMs" أن تخفّض التكاليف للبنوك، عن طريق خفض عدد الموظفين المفترض داخل الأفرع التقليدية.

علاوة على ذلك، أظهر استطلاع حديث لبنك "تشيس" الأمريكى أن الأجيال الشابة تفضل أكثر استخدام أجهزة الصراف الآلى عن كبار السن.

ومع المضى قدمًا، تتحول البنوك نحو تقنيات جديدة من "إنترنت الأشياء" لتعزيز تجربة عملائها وخفض التكاليف فى آن واحد، وعلى سبيل المثال، بدأت بعض البنوك فى إرسال عروض مخصصة لهواتف عملائهم الذكية بمجرد دخولهم للفرع التقليدي، كما تدعم بعض أجهزة الصرّاف الآلى فى الوقت الحالى تشغيل ملفات مرئية تتيح للعملاء التحدث لأحد الصرّافين إذا كانوا بحاجة لمساعدة إضافية.

ويضخ المدراء الماليون أموالًا طائلة فى هذه التغيرات التكنولوجية فى إطار محاولاتهم الحثيثة لدرء المنافسة التى يواجهونها من شركات التكنولوجيا التى أضحت تزاحم البنوك فى دورها المالى والنقدى بعالم الصناعة المالية.

وكشفت دراسة أجرتها مؤخرًا مؤسسة برايس ووترهاوس كوبرز "PwC" عن أن المدراء الماليين يتوقعون أن ترفع استثماراتهم فى رقمنة المعاملات المصرفية لعوائدهم وتعزيز تجربة العملاء فوق كل ذلك.

•   المعاملات المصرفية عبر الأجهزة المحمولة

ربما لن تشهد المعاملات المالية اعتراضًا فى طريقها بالمستقبل سوى من تكنولوجيا الأجهزة المحمولة، فتقديم الرسائل النصية قبل وقت ليس بالبعيد أتاح للبنوك وسيلة لتعزيز خدماتها المصرفية عبر الأجهزة المحمولة، ولكن الانتشار المدوى للهواتف الذكية جعل إتمام المعاملات عبر الأجهزة النقالة هو الأمر السائد.

واليوم، لم تعد التطبيقات الهاتفية المصرفية من قبيل الرفاهية للمستخدمين وعملاء البنوك، بل أصبحت ضرورة لا غنى عنها وجزء من العلاقة بين المصرف والعميل، وعدم إتاحة مثل تلك التطبيقات كفيل لإقناع عميل بالتحول لمؤسسة مالية أخرى.

ولكن التطبيقات المالية كانت مجرد بداية، إذ طورّت شركات "آبل"، و"سامسونج"، و"أندرويد"، و"وول مارت" وغيرها، محافظ إلكترونية على الهاتف المحمول خاصة بها تسمح للعملاء بكل بساطة إتمام المُعاملات بلمسات على أجهزتهم النقالة.

ووجد مسح وحدة استخبارات بيزنس انسايدر للأبحاث "BI Intelligence" حول التجزئة المصرفية، والذى شمل 1500 شاب، أن 27% من الشباب قد استخدموا هواتفهم للدفع فى المتاجر خلال شهر ديسمبر من العام 2016.

وتزايدت الاستعانة بتطبيقات الدفع الند للند بفضل سهولة استخدامها، بل وأصبح الكثير فى الولايات المتحدة الأمريكية يستخدمون تطبيق "Venmo" المملوك لشركة "PayPal" لتحويل الأموال من شخص للآخر باستخدام التطبيق أو منصة الإنترنت، ما يوفر الحاجة لزيارة جهاز الصرّاف الآلى من الأساس للحصول على الأموال النقدية، وبالتالى أزال خطوة إضافية من عملية الدفع.

وبلغت قيمة المعاملات المالية عبر تطبيق "Venmo" حوالى 7.5 مليار دولار خلال العام 2015، وسجلت حوالى 3.2 مليار دولار خلال الربع الأول من العام 2016.

وباختصار، أصبح الهاتف الذكى أساس ومحور مستقبل الصيرفة عبر الأجهزة المحمولة، لاسيّما بين العملاء من الشباب الذين سيمارسون نفوذهم المالى خلال العقود المقبلة، ويتأكد ذلك التنبؤ من أرقام مسح وحدة استخبارات بيزنس انسايدر للأبحاث "BI Intelligence"، والتى خلصت لما يلي:

-  71% من الشباب أكدوا على الأهمية الشديدة للتطبيق المصرفى على الهواتف الذكية، فيما اعتبر 60% أنه من المهم للغاية أن يتيح التطبيق المصرفى ليس فقط الاطلاع على الحساب، وإنما إتمام المدفوعات.

-  51% قالوا إنهم أتمموا مشترياتهم عبر مواقع إلكترونية باستخدام هواتفهم الذكية أو عبر تطبيقات إلكترونية خلال شهر نوفمبر من العام 2016.

-  27% أوضحوا أنهم استخدموا هواتفهم الذكية فى إتمام مدفوعات بمتاجر بعينها خلال نوفمبر من العام الماضي.


على ذلك، يتضح جليًا أن البنوك عليها أن تستمر فى تقديم المزيد من المغريات الرقمية للإبقاء على عملائها الحاليين وجذب آخرين جدد، وسيساعدها "إنترنت الأشياء" على القيام بذلك على أكمل وجه، وبالتالى فإن قطار التكنولوجيا سيترك من لا يلحق به من العملاء أو المؤسسات المالية وراءه فى عِداد الخاسرين.

إعداد/ هدى ممدوح
  
عدد (67)